يُعد المـوت من الإشكالـيات الكبرى فـي تاريخ الوعي البشري، وهو تحدٍّ وجودي كونه يمثل ظاهرة غيبية عجز الانسان عـن معرفة كنهه لأنه جزء من العالم الآخر، ذلك العالم المجهول والذي بطبيعته يسبب الهلع والفزع. وبذلك كثرت حوله الكثير من التفسيرات والآراء والمـعتقدات والطقوس والشعائر منذ اللحظات الأولى التـي يشعر فـيها الفرد بحتمية المـوت، وبالتالي تنوعت المـعتقدات والطقوس المتعلقة بالمـوت فـي دلالاتها ومفاهيمها ومضامينها، فمـنها ما يعتبر المـوت هو بـاب التشـاؤم، وبعضها يدخل ضـمن ما يَعدُّ دائـرة الاحاسـيس الانسانيـة، والآخر يـدخل فـي دائـرة التصـورات المـيتافـيزيقية (الدينيـة وغيـر الدينـية). والمـوت فـي الـمسـيحيـة يعد عملية انتقال روحي حيث تتوارى الاجساد المادية التراب ويسمح للروح بالتحرر من اطارها المادي فهو رقاد فـي التراب أو فـي ظلمة القبر، كونه أنتقل من هذا العالم الـى حياة آخرى فـيه تنفصل الروح عـن الجسد ومفارقة الأقارب والاحباء، لتذهب الـى مكانها الآخروي المستحق، اما الـى مكان الابرار واما الـى مكان الاشرار فالمسكن الاخير للجسد المسيحي هو اللحد والروح الـى المسكن الابدي. ويرافق مرحلة الانتقال هذه مجموعة من الطقوس التـي يرى المسيحيون أنها ضرورية لتعبر الروح من العالم المادي الـى العالم غير المادي وهذا ما سنتحدث عـنه فـي بحثنا هذا.وبحثنا الحالي تضمن أربـعة مـباحث وهي:-المـبحث الأول:- منهجيـة الـبحثالمـبحث الثاني:- المـوت فـي الـمسـيحيـةالمـبحث الـثالـث:- طقوس الـوفاة فـي بغديداالمـبحث الرابع:- الـخلاصةومن النتائج المهمة الـى توصل إليها الـبحث الحالي:-1.يحتمي سكان بغديدا بعقيدتهم الـمسـيحيـة التـي تؤمن بحياة أخرى بعد المـوت عـند مواجهتهم له.2.الطقوس الخاصة بالـوفاة فـي بغديدا خليط من الطقوس الدينيـة، الـكنسيـة، والمـعتقدات الشـعبية تؤازر كل مـنها الأخرى. وهدفها مساعدة احباء واصدقاء المتوفى ولتقوية روح الحاضرين ليستطيعوا أن يجتازوا حالة الحزن الـى الرجاء بالقيامة والامل بالـحيـاة الجديدة.3.طقوس الـوفاة موجهة نحو من يفـي على قيد الـحيـاة حيث تساعده على تقبل فكرة المـوت.4.هناك تغييرات حدثت فـي هذه الطقوس بسبب تغير الأوضاع الاجتمـاعية والاقتصـادية.5.لا زالت الـكنيـسة بكهنتها وشمامستها ورهبانها وراهباتها يؤدون دوراً مركزياً فـي طقوس الـوفاة كلها.6.المجتمع المحلي فـي بغديدا يتجاوب بشكل جيد مع حادثة المـوت ويظهر من خلال طقوسها التعاون والتضامن والتآزر بين افراده.7.تحاول كل مراسيم الجنازات وما فـيها من رموز طقسية أن تؤكد على أن المـوت ليس نهـاية الطريق، وانما هو بداية حياة جديدة وكاملة.